الرئيسيةمقالات

فيلا صوماليا ومأزق الطلاق السياسي مع الولايات الفيدرالية

غالباً ما تولد الأحداث السياسية في الصومال نتائج متقاربة ومتكررة أو تأتي على نمط واحد مع اختلاف الأزمان والشخصيات الممثلة في سياقاتها، نتيجة الواقع السياسي الصومالي الذي تغلب عليه تجاذبات المصالح الشخصية اكثر من المصالح العامة، وعلى وقع غياب المعرفة الدقيقة وتفاصيل التطورات الأخيرة والاعتماد فقط على الأحداث والمواقف السياسية والرشقات الإعلامية التي تصلنا بصورة غير مباشرة من القصر الرئاسي تنبئ بان هناك استعداد لخوض صراع لا مفر  منه بين الرئاسة الصومالية ورؤساء الولايات الفيدرالية التي بدورها تجمع شتاتها لمواجهة كل السيناريوهات والاحتمالات.

كالعادة تتغير ملامح السياسة الصومالية بعد حلول الموسمين الأخيرين للنظام الحاكم في البلاد حيث تتشكل التحالفات وتنهار أخرى والكل يطمح ويعمل جاهدا من أجل ضمان عودته إلى منصبه السياسي تاركا خلفه كل ما يخدم للمصالح العامة ومن هنا تبدأ توقف عجلة عمل المؤسسات الحكومية وتتدهور الأوضاع الأمنية حتى انتخاب الرئيس المقبل.

الطلاق السياسي قد حان موعده فطلاق الآباء يعني انتهاء العواطف الجياشة من باب العلم الاجتماع ماينطبق على الانفصال الذي  بدأ يظهر جليا على السطح وهذه المرة بين فيلا صوماليا وولاية جنوب غربي الصومال.

فالخلافات السياسية التي تلوح في الأفق قد تعيدنا إلى الوراء لقراءة سياسة صفر المشاكل التي انتهجها الرئيس حسن شيخ محمود بعد وصوله لسدة الحكم للتعامل مع رؤساء الولايات الفيدرالية لفهم الحاضر ومستقبل العلاقة بين المركز والأطراف، فالرئيس الصومالي كان يهدف في الوهلة الأولى إلى تحجيم نفوذ حركة الشباب وعدم  خوض أي صراعات سياسية مع الولايات الفيدرالية تفاديا لما قد يعرقل عن مساعيه لدحر حركة الشباب جنوب ووسط البلاد.

سياسة صفر مشاكل للرئيس الصومالي انتزعت مخاوف رؤساء الولايات الفيدرالية الذين كانوا في موقف ضعف نتيجة انتهاء مدة حكمهم بل كان حظوظهم في ظفر هذا السباق لم تكن قوية بإستثناء رئيس ولاية بونتلاند التي نظمت انتخابات رئاسية أسفرت عن انتخاب سعيد عبدالله دني رئيساً لولاية ثانية الذي يكن نوايا انتقامية للرئيس حسن محمود إثر تعيينه حمزة عبدي بري خلافا من العرف السياسي لهذا المنصب.

اللافت، أن ولاية جنوب غرب الصومال أصبحت بداية عهدة الطلاق السياسي مع فيلا صوماليا فالرئيس الصومالي يبدو انه صبور وهادئ كالعادة، فاتخاذ القرارات السريعة لم تكن سهلة بالنسبة له بل يحاول في الوهلة الأولى نتف أجنحة رئيس ولاية جنوب غرب الصومال، عبر بناء شبكة جديدة من العلاقات مع معارضي رئيس ولاية جنوب غرب الصومال.

ثمة عوامل سياسة عدة تجعل عبدالعزيز لفتاغرين متمسك بإجراء الانتخابات الرئاسية في الولاية وهو ما تحذره فيلا صوماليا وتعتبر تجاوزا للاتفاق السياسي المبرم بين الجانبين الذي يضمن طريقة غير مباشرة لعود لفتاغرين الذي بدوره سيضمن مقاعد برلمانية قد تمنح حسن محمود افضلية لحسم الانتخابات الرئاسية العامة المقبلة في البلاد، إذا فشلت جهود تنظيم انتخابات مباشرة.

أما خيارات فيلا صوماليا لمواجهة رئيس ولاية جنوب غرب الصومال فلاتخرج عن سياقين أحلاهما مر إما أن تلوح عصا التصعيد وهو خيار المطروح حاليا نظرا للأحداث الأخيرة التي تدخل في سياق هذه الخلافات متسلحة بالسياسين المعارضين لرئيس الولاية فبالرغم من أن صعوبة وصول المعارضة إلى مدينة بيدوة لعرقلة مسار الانتخابات التي يجهزها لفتاغرين بنار هادئة بسبب القوات الإثيوبية المؤيدة له، تتجه انظار فيلا صوماليا إلى مدينة براوي حاضرة الولاية ونقطة الضعف لولاية جنوب غرب الصومال لتكون حلبة الصراع مع رئيس لفتاغرين وتنظيم انتخابات مضادة له في حال اجراء انتخابات رئاسية في مدينة بيدوة وهوما يجعل فوزوه المحتوم في هذه الانتخابات صوريا منقوص الاعتراف من قبل الحكومة المركزية الأمر الذي يعرض الولاية خطرا امنيا نظرا لمكون القبلي المعارض للرئيس ا لحالي.

أما بخصوص خيار المفاوضات بين الجانبين فهو محكوم بالفشل نظرًا لانتهاء الثقة السياسية بين الجانبين فالتوقيت والعرف السياسي لا يقبلان التعايش بين الجانبين، فالرئيس لفتاغرين الذي كان شريكاً قوياً مع الرئيس السابق فرماجو لايتوافق مع الرئيس حسن محمود في كثير من الأشياء؛  حيث بدأ يطعنه من الخلف عبر خطواته المبطنة لإجراء انتخابات رئاسية في الولاية دون مشورة أو موافقة من فيلا صوماليا.

أما المناورات السياسية لرئيس ولاية غلمدغ أحمد عبدي في مدينة جلكعيو، وعلى هامش مؤتمر المصالحة أجرى كل من رئيس ولاية غلمدغ ورئيس ولاية بونتلاند احتماعا مطولا أفضت إلى تفاهمات تمحورت حول نقطتين رئيستين وهما: إيعاز سعيد عبدالله دني بالرئيس ولاية غلمدغ لغجراء الانتخابات الرئاسية بالولاية في موعدها لضمان عودته بكرسي الولاية مرة اخرى وهو حبل سري يشترك فيه رئيس ولاية جنوب غرب الصومال الذي شارك في الاجتماع الثنائي في مدينة جلكعيو عبر الهاتف، شهور فقط تفصلنا عن موعد الانتخابات الدستورية لولاية غلمدغ لنتأكد مدى نحاج خطة سعيد عبدالله دني لتشكيل تحالف ثلاثي ضد فيلا صوماليا، لكن ما لايدركه احمد عبدي قورقور هو صعوبة ضمان عودته إلى الرئاسة في ولاية جلمدغ دون دعم سياسي من فيلا صوماليا.

أما رئيس ولاية جوبالاند الذي اعتاد اختطاف الانتخابات وحوّل نظام الولاية مايشبه بالنظام الملكي، يتابع عن كثب في الصراع السياسي بين فيلا صوماليا وولاية جنوب غرب الصومال معتقدا ان نتائج هذا الصراع ستساعده على رسم ملامح خطواته السياسية المقبلة تجاه الانتخابات الرئاسية في الولاية، لكن ما لايختلف عليه اثنان، إن  أحمد مدوبي ليس وفي ومتمرس في الخيانة السياسية فأياً كانت نتيجة هذا الصراع، فإن أحمد مدوبي سيختار قرار التصادم مع فيلا صوماليا لتحقيق مصالحه وضمان عودته للمرة الرابعة لكرسي الولاية.

لاشك، أن مجريات أحداث السياسة الحالية تشير إلى ان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود لم يستفيد من أخطاء تجربته السياسية السابقة، ولايمكن في الوقت الراهن الحكم على نجاح حسن محمود في هذا الصراع السياسي نظرا بعد مرور عامين من مدته الرئاسية وبدء تشَّكل تحالفات المعارضة التي تمنح رؤساء الولايات الفيدرالية الوزن السياسي الثقيل، فلقاء السفير الأمريكي مع قيادات المعارضة السياسية في ولاية جنوب غرب لصومال بمثابة إيدان ببدء دور المجتمع الدولي للعب دور الوساطة بين الحكومة المركزية والولايات الفيدرالية.

 


 

نور جيدي

صحافي صومالي ومحرر من أسرة الصومال الإخبارية
زر الذهاب إلى الأعلى