مقالات

مسرحيات أبي أحمد الهزيلة في القرن الأفريقي

احتضنه الغرب لإبعاده من الصين ومنحوه جائزة نوبل للسلام 2019 بعداستعراضه المسرحي واتفاقية السلام مع الجارة إرتيريا التي وُقعت بالرياض برعاية العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وتعهد آبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا خلال الاتفاقية بإنهاء عقود من الخصام، لكنه ما لبث أن قرع طبول الحرب وتحولت الهدنة إلى تهديد بالاجتياح لأسمرة في غضون شهور قليلة من الاتفاقية .

نفس العرض المسرحي كررها في زيارته الشهيرة للقاهرة وكلماته الشهيرة (والله والله لن نقوم بضرر لمصر) أمام الرئيس السيسي، أعقبها سلسلة من حنث اليمين وقرارات أحادية من أديس أبابا بشأن تقاسم المياه.

لم تسلم هي أيضا الجارة الكبرى السودان  من تدخلات آبي احمد في شؤونها الداخلية وزيارته الأخيرة لبورتسودان لم تكن سوى مسرحية هزيلة أخرى أيضاً، بعد أن وصلت قوات فانو المعارضة إلى الحدود مع السودان وخوفه من حصولها على دعم وغطاء من الحكومة الشرعية في السودان .

جيبوتي الشمعة المضيئة في المنطقة، والتي اثبتت حنكتها السياسية طيلة العقود الماضية، تحاول جاهدة مرة أخرى التعامل مع جنون آبي احمد ونزواته والتي ستؤدي حتما لعدم الاستقرار في المنطقة إذا لم يكبح جماح الرجل المتهور .

اما عن الصومال فإن أبي احمد تجاوز كل الخطوط الحمراء وضرب بعرض الحائط جميع القوانين والأعراف الدولية.

كل هذه العروض المسرحية الخطيرة التي يقدمها آبي احمد هي مقدمة لحقبة قادمة إلى المنطقة ستتجاوز آثارها بالتأكيد منطقة القرن الأفريقي وتزيد من تعقيدات الأمن المائي وسلامته فيها .

أما على صعيد الجبهة الداخلية، شوهت حرب تيغراي الوحشية سمعة آبي احمد كصانع للسلام بعد ارتكابه الفظائع بحق شعبه، والغريب أن إثيوبيا الحالية وفي ظل حكومة آبي احمد والتي تمر بأسوأ حالاتها الداخلية من حروب ونزوح وانتهاكات ضد الإنسانية تريد تصدير ذلك إلى جيرانها عبر فتح جبهات صراع خارجية.

وبعد مرور ما يقارب من سبع سنين بتصدره المشهد في إثيوبيا لا يزال البعض ينخدع بخطابات آبي احمد الذي أشعل فتيل النار في بلاده والمنطقة وانكفأ في حدود العاصمة أديس أبابا ويظن بأنه رجل صانع للسلام.

في ما يتعلق بمساعي إثيوبيا إلى تأمين منفذ بحري لها فإنها لا تريد منفذا بحريا بالطرق القانونية، لأن الصومال  قد منحت إثيوبيا في 2019 حصة 19٪؜ في ميناء بربرة للاستثمار، لكنها لم تلتزم إثيوبيا الإيفاء بالتعهدات، مما دفع شركة موانئ دبي التي كانت تمتلك حصة قدرها 51% أن تغطي حصة أثيوبيا أيضا بعد نكثها العهود بهذا الشأن ، ناهيك عن وجود منفذ بحري آخر لإثيوبيا عبر جيبوتي واستعداد جيبوتي لدعم إثيوبيا فيما يخص بالمواني

في نهاية المطاف، لا شك أن مساعي إثيوبيا في منطقة البحر الأحمر تتجاوز حدود البحث عن منفذ بحري لأغراض تجارية، بل تخفي في مطيتها أهدافا أخرى.

محمد حسن

كاتب صومالي مهتم بشؤون منطقة القرن الأفريقي.
زر الذهاب إلى الأعلى