مقالات

ضريبة القيمة المضافة في الصومال : الفيل في الغرفة !

 

في أغسطس آب 2024 أعلنت الحكومة الفيدرالية الصومالية تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% على السلع والخدمات. هذا القرار جاء في إطار جهود الحكومة لتعزيز الإيرادات الحكومية وتطوير البنية التحتية والخدمات الأساسية. لكن تطبيق ضريبة القيمة المضافة في في بلد يواجه تحديات اقتصادية وسياسية متعددة، أثارت هذه الخطوة العديد من التساؤلات حول الأبعاد والتأثيرات المحتملة لهذه الضريبة.

اللافت، إن ضريبة القيمة المضافة هي أداة فعَّالة لإيجاد مصادر دخل إضافية في معظم البلدان، حيث تعتمد عليها الحكومات لتمويل مشاريع التنمية والخدمات العامة. وفي الصومال، تهدف الحكومة إلى استخدام هذه الضريبة لدعم ميزانية الخدمات الإساسية ودفع رواتب منتسبي أفراد المؤسسة العسكرية بانتظام. لكن في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الصوماليون، مع ارتفاع معدلات البطالة والفقر (70%)، قد تشكل هذه الضريبة عبئًا إضافيًا على كاهل المواطنين. فالاقتصاد الصومالي يعاني من تحديات كبيرة تتعلق بالاستقرار والنمو، حيث يعتبر من أفقر اقتصادات الدول في العالم (وتصل نسبة التضخم بنحو 75%) ويعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية والتحويلات المالية من الخارج، وقال وزير المالية في تصريح جديد إن ميزانية الدولة تصل مليار دولار أمريكي، وأن سبعين في المئة من هذه الميزانية تأتي من قبل المانحين بينما ثلاثين في المئة تأتي من الضرائب المفروضة على السلع الاستهلاكية والجمارك .

من الناحية الاجتماعية، يمكن أن تكون لضريبة القيمة المضافة تأثيرات سلبية على مستود دخل الأسر الفقيرة، سيما في ظل غياب خدمات حكومية مجانية أو منخفضة التكلفة. و يعاني المواطنون من ارتفاع تكاليف المعيشة، بما في ذلك فواتير الكهرباء والمياه، والتي تعتبر من بين الأغلى في دول شرق أفريقيا. وفرض ضريبة جديدة قد يؤدي إلى زيادة هذه التكاليف بشكل أكبر، مما يؤثر سلباً على القدرة الشرائية للمواطنين.

إن تطبيق ضريبة القيمة المضافة يعكس أيضًا تحديات سياسية كبيرة. فرفض بعض الولايات الفيدرالية، مثل جوبالاند، للامتثال لهذه الضريبة يعكس الانقسامات الداخلية بين الحكومة المركزية والولايات الفيدرالية. هذه الانقسامات قد تؤدي إلى تقويض جهود الحكومة في تنفيذ سياسات موحدة عبر البلاد، مما يزيد من تعقيد الوضع السياسي ويضعف سلطة الحكومة المركزية. هذا النزاع بين الحكومة المركزية والولايات يعكس الصراع الأوسع حول توزيع السلطات والموارد في النظام الفيدرالي الصومالي

أما بالنسبة للشركات، قد تمثل ضريبة القيمة المضافة تحديًا كبيرًا، خاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة التي قد تجد صعوبة في التكيف مع هذه الضريبة الجديدة. في الوقت نفسه، قد يؤدي الالتزام الضريبي إلى زيادة تكاليف الإنتاج، مما يؤثر على أسعار السلع والخدمات التي تقدمها هذه الشركات. هذا الوضع قد يؤدي إلى تراجع النشاط التجاري وزيادة التوتر بين الحكومة ورجال الأعمال، خاصة إذا شعروا بأنهم لم يستفيدوا من هذه الإيرادات الإضافية في تحسين بيئة الأعمال .

في الختام، إن ضريبة القيمة المضافة في الصومال تمثل خطوة مهمة نحو تحسين الإيرادات الحكومية وتطوير البنية التحتية، لكنها تواجه تحديات كبيرة تتعلق بالوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. لتحقيق النجاح في تطبيق هذه الضريبة، يجب على الحكومة أن تعمل على تعزيز الثقة بين مختلف الأطراف المعنية، وضمان استخدام الإيرادات بشكل شفاف وفعال لتحسين الخدمات العامة. بدون ذلك، قد تصبح هذه الضريبة مصدرًا إضافيًا للتوترات الاقتصادية والسياسية في البلاد.

محمد بن حسن

محمد حسن : كاتب وصحافي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى